محمد نور الدين
الأربعاء 15 تشرين اول 2025
عدّ الإعلام التركي عدولَ نتنياهو عن المشاركة في القمة انتصاراً كبيراً لإردوغان (أ ف ب)
لا يفوق العراضة التي قام بها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في كلٍّ من إسرائيل وشرم الشيخ، سوى الدور الذي عزاه الإعلام التركي إلى الرئيس رجب طيب إردوغان، في التوصّل إلى اتفاق وقف النار في غزة، كما في إنجاح قمّة شرم الشيخ. ويروي هذا الإعلام أنّ الرئيس، وبينما كان في طريقه إلى القاهرة، ظُهر أول أمس، سبقته الأنباء عن مشاركة رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، بعدما تلقّى الأخير دعوة من الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي؛ فما كان من إردوغان، إلّا أن أمر قائد الطائرة بعدم الهبوط، والقيام بدورات التفافية في الجوّ، موعزاً إلى وزير خارجيّته، حاقان فيدان، بإبلاغ مَن يعنيهم الأمر بأنه لن يشارك في القمّة، إذا كان نتنياهو، سيحضرها. وبعد حلقة دوران استمرّت 15 دقيقة، جاء الجواب بعدول «بيبي» عن المشاركة، وهو ما عدَّه الإعلام التركي انتصاراً كبيراً لإردوغان.
وفي هذا الجانب، قال رئيس تحرير صحيفة «حرييات»، أحمد حاقان، إنه «من أيّ زاوية نظرنا، هذا انتصار عظيم لإردوغان، الذي رفض أن يجلس في مكان واحد مع مجرم الإبادة»، مشبّهاً ما حدث بواقعة «دقيقة واحدة» (2009)، حين اعترض إردوغان، على وجود شمعون بيريز، في «منتدى دافوس»، وقاطعه بالقول: «وان مينيت»، واصفاً إيّاه بقاتل الأطفال، ثم انسحب من الجلسة. أمّا النقطة الثانية التي سجّلها إردوغان، على إسرائيل، وفقاً للإعلام الموالي، فهي مشاركة تركيا، إلى جانب قطر ومصر وغيرهما، ضمن قوات حفظ الأمن في غزة؛ إذ ووفقاً للكاتب إبراهيم قره غول، فإنّ «إسرائيل لم تمكث في فلسطين وغزة سوى وقت قصير من تاريخها، فيما بقيت تركيا هناك أربعة قرون، بل وخاضت من أجل غزة حروباً في عام 1917، وبالتالي هي الأحقّ الآن بهذه الجغرافيا».
من جهتها، رأت الكاتبة تولين تورك أوغلو، أنه «إذا كان لغزة أن تولد من جديد، فلأنَّ تركيا هي القابلة». فوقف إطلاق النار، وفقاً لتورك أوغلو، «لم يكن ممكناً من دون تركيا، التي إلى جانب كونها مراقبة للاتفاق، ستكون ضامنة له»، وإنّ «موقف إردوغان الصامت والصبور هو الذي شكّل العملية من بدايتها إلى نهايتها».
وأشارت الكاتبة إلى أنّ «الرئيس الأميركي السابق، جو بايدن، همّش تركيا، لكنّّ ترامب رأى الحقيقة، وهي أنه لا سلام في الشرق الأوسط من دون تركيا. ونجاح خطّة ترامب، يتوقّف على إردوغان»، الذي «حوّل أميركا من دولة تدعم الحرب إلى دولة تسعى إلى السلام»، مبيّنهً أنّ رئيس الاستخبارات التركية، إبراهيم قالين، أدّى دوراً كبيراً في الديبلوماسية، عندما توجّه إلى الدوحة لإقناع «حماس» بقبول خطّة ترامب، فيما اعتبرت أنّ «جعل وقف إطلاق النار مستداماً، يتطلّب مشاركة الدول الضامنة في قوّة غزة. وهذه القوّة لن تضمن السلام فقط بل الردع أيضاً».
في المقابل، انتقدت صحيفة «قرار» المعارضة، وثيقة النوايا التي وقّعها ترامب وإردوغان والسيسي وأمير قطر تميم بن حمد، باعتبار أنها «تخلو من أيّ إشارة إلى قيام دولة فلسطينية، أو حلّ على أساس دولتَين أو إلى حدود عام 1967». وفي «قرار» أيضاً، كتب إبراهيم كيراس، أنّ «بايدن وترامب، كانا في صلب الإبادة في غزة؛ لذا من السذاجة الإشادة بجهود الثاني لوقف النار»، قائلاً إنّ «سياسة ترامب المتهوّر، هي نفسها سياسة الولايات المتحدة الخارجية التقليدية ولا علاقة لها بكون صهره أو شركائه التجاريين يهوداً. لكنّ حجم الإبادة في غزة ما كان ممكناً إخفاؤه عن الرأي العام الأميركي إلى الأبد.
وعندما تخطّى عدد المنتقدين لإسرائيل، عدد المؤيّدين لها في المجتمع الأميركي، تحرّك ترامب، لوقف النار». على أنّ وقف النار لا يعني، بحسب الكاتب، «تخلّي أميركا عن سياساتها السابقة ودعم إسرائيل، إذ من المرجّح أن نواجه فرضيّات متكرّرة لا ترضي العالم ولا سكان غزة. والحلّ الوحيد هو تشكيل تكتّل دُولي قادر على وقف الوحشية الإسرائيلية والأميركية، ولكن لا يبدو أنّ أحداً في أوروبا أو الشرق الأوسط مستعدّ للسير في مثل هذا التكتّل».